الحج.. يومًا بيوم
بين منى ومزدلفة وعرفات
ما كادت تكتمل مشروعات التوسعة العملاقة التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحرم المكي، والمسجد الحرام، ومشروع جسر الجمرات التاريخي غير المسبوق، الذي كان محل رضا الأمة الإسلامية، لحقنه أرواح الحجيج التي كانت تزهق إثر أكثر من حادث تدافع مر في مواسم الحج، حتى شهد العالم خادم الحرمين الشريفين يدشن مشروع سقيا زمزم في كدي بمكة المكرمة أواخر شهر رمضان الماضي، معايدًا به الأمة الإسلامية.
أخي الحاج
أمامك الآن أيام معدودات، مطيبة بالنفحات، مقرِّبة إلى الجنات، فأين تمضي
كل يوم منها؟ وكيف؟
إليك الجواب:
يوم التروية
• إذا كان يوم التروية، وهو اليوم الثامن من ذي الحجة، فيستحب لك أن تحرم بالحج من مكانك في مكة، إن كنت قارنًا أو متمتعًا، أو من الميقات إن كنت في طريقك إلى مكة لأداء الحج، فإن أخرت الإحرام إلى اليوم التاسع، جاز ذلك لكنه خلاف السنة، ثم تخرج إلى منى وتصلي بها الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر، تقصر الصلاة الرباعية ركعتين في أوقاتها دون جمع بين الفرائض.
يوم عرفة
• إذا طلعت شمس يوم التاسع من ذي الحجة توجه إلى عرفات، ويسن لك أن تنزل بنمرة إلى الزوال، إن تيسر لك ذلك، ثم تصلي الظهر والعصر جمع تقديم قصرًا بأذان واحد وإقامتين.
• تأكد من دخولك عرفات، وعرفة كلها موقف، إلا بطن عرنة، وأكثر في عرفات من الدعاء والذكر والتضرع إلى الله، تعالى، مستقبلاً القبلة، رافعًا يديك متذللاً وإن قرأت شيئًا من القرآن فحسن.
• إذا غربت الشمس فانصرف من عرفة إلى مزدلفة بسكينة ووقار، وأكثِر من التلبية، وتجنب إيذاء إخوانك المسلمين، فإذا وصلت مزدلفة، فصلِّ بها المغرب والعشاء جمعًا وقصرًا بأذان واحد وإقامتين، ثم امكث بها حتى تصلي الفجر، ثم قف عند المشعر الحرام مستقبلاً القبلة، وأكثر من ذكر الله، تعالى.
إلى منى
• ثم توجه قبل طلوع الشمس إلى منى ملبيًا، وخذ معك سبع حصيات على قدر حصى الحذف، فإذا وصلت وادي محسر استحب لك الإسراع قليلاً.
• إذا وصلت منى، فتوجه إلى جمرة العقبة، فإذا وصلتها فاقطع التلبية، ثم ارمها بسبع حصيات متعاقبات تكبر مع كل حصاة، ويشترط أن تقع كل حصاة في المرمى، ويستحب لك عند الرمي أن تجعل الكعبة عن يسارك ومنى عن يمينك، إذا تيسر ذلك.
• بعد الرمي اذبح الهدي، إن كان عليك هدي، ويستحب لك أن تأكل منه وتطعم الفقراء، ويمتد وقت الذبح إلى غروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق.
• بعد نحر الهدي أو ذبحه احلق رأسك أو قصره، والحلق أفضل، أما المرأة فتقصر من كل ضفيرة قدر أنملة. وهذا الترتيب هو الأفضل، فإن قدمت بعض هذه الأفعال على بعض فلا حرج عليك.
• بعد الرمي والحلق أو التقصير تلبس ثيابك، ويباح للمحرم كل شيء حُرم عليه بالإحرام إلا النساء، ويسمى هذا التحلل بالتحلل الأول، ويستحب لك بعده التطيب والتوجه إلى مكة.
طواف الإفاضة
• إذا وصلت مكة فطف طواف الإفاضة، ويسمى طواف الزيارة، وبعد الطواف تصلي ركعتين خلف المقام إن تيسر ذلك دون مزاحمة، وإلا فصلها في أي مكان من المسجد، ثم اسعَ بين الصفا والمروة إن كنت متمتعًا أو لم تسعَ مع طواف القدوم، وكنت قارنًا أو مفردًا، ويجوز تأخير طواف الإفاضة والسعي عن يوم النحر.
• بعد طواف الإفاضة يوم النحر ترجع إلى منى وتبيت فيها ليالي أيام التشريق، وهي ليلة إحدى عشرة واثنتي عشرة، وإن بت ليلتين وتعجلت جاز لك ذلك.
رمي الجمار
• ترمي الجمرات الثلاث في أيام التشريق بعد الزوال، تبدأ بالأولى وهي الصغرى مما يلي منى مسجد الخيف، ثم الوسطى، ثم جمرة العقبة، كل واحدة بسبع حصيات متعاقبات، تكبر مع كل حصاة، وتتأكد من سقوط كل حصاة في حوض الجمرة، وفي اليوم الثاني عشر بعد الزوال تخرج من منى قبل غروب الشمس، فإن تأخرت إلى اليوم الثالث عشر فهو أفضل، فترمي الجمرات الثلاث بعد الزوال.
الوداع
• إذا عزمت على السفر إلى بلدك بعد انتهاء أعمال الحج وجب عليك أن تطوف بالبيت طواف الوداع سبعة أشواط، ثم تصلي خلف المقام ركعتين، ويسقط هذا الطواف عن الحائض والنفساء، فيجوز لهما السفر بلا وداع.
كيف نُحْرِم؟
إذا أردت أن تحرم بالعمرة أو الحج، فإنه يشرع لك الآتي:
• إذا وصلت الميقات، فإنه يستحب لك أن تغتسل، وتتنظف، وتزيل شعر الإبط والعانة، وتقص أظفارك حتى لا تحتاج إلى أخذ شيء من ذلك بعد الإحرام.
• يُسن لك أن تتطيب في بدنك بما تيسر لك من طيب، ولا تطيب ملابس الإحرام.
• يلبس الذكر ثياب الإحرام إزارًا ورداءً، والأفضل أن يكونا أبيضين نظيفين، والمرأة تلبس ما شاءت من الثياب غير متبرجة بزينة، وتخلع ما على وجهها من برقع أو نقاب، وهو ما خيط على قدر الوجه، وتنزع ما على كفيها من القفازين، وتجعل على وجهها خمارًا تستتر به من الرجال الأجانب.
• إذا كانت المرأة حائضًا أو نفساء، فإنها تغتسل وتتنظف وتحرم كغيرها من النساء، وتفعل ما يفعل الحاج غير الطواف بالبيت، وإذا كانت معتمرة، فإنها تبقى على إحرامها حتى تطهر، ثم تغتسل وتكمل عمرتها.
• بعد الفراغ من الغسل والتنظف ولبس ثياب الإحرام تنوي بقلبك الدخول في النسك الذي تريده.
• ويشرع للمحرم أن يتلفظ بما نوى من النسك، فإن كانت نيته العمرة قال: «لبيك عمرة»، وإن كانت نيته الحج مفردًا قال: «لبيك حجًا»، وإن كانت نيته العمرة متمتعًا بها إلى الحج قال: «لبيك اللهم عمرة»، وإن كان قارنًا قال: «لبيك اللهم عمرة وحجًا».
• السُنة أن تكثر من ذكر الله، تعالى، ومن التلبية، وصفة التلبية أن تقول: «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك». ويشرع للرجال الجهر بها، أما النساء فلا يجهرن بها عند الرجال الأجانب.
الخطوط بخط الفنان
فوزي عسكر
مسائل في الحج
وصايا، ومباحات، ومحظورات لقاصدي بيت الله الحرام.
أخي الحاج، أختي الحاجة، هذه بعض المسائل المهمة التي ينبغي لكما معرفتها والتنبه إليها:
• حفظ لسانك وجوارحك عن كل ما يسخط الله، تعالى.
• الإكثار من ذكر الله، تعالى، والتلبية، والدعاء، والاستغفار، فأنت في مكان تُضاعف فيه الحسنات.
• إذا وصلت الميقات، فأنت مخير بين الإفراد، والتمتع، والقران، ويحرم عليك مجاوزة الميقات دون إحرام إذا كنت تريد الحج أو العمرة.
• إذا كان منزلك دون المواقيت، فإنك تحرم من مكانك، ولا يلزمك الذهاب إلى الميقات.
• إذا خشيت ألا تتمكن من أداء النسك، فاشترط عند إحرامك أن تقول: «فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني»، فإن حصل لك عذر يمنعك من أداء نسكك حللت ولا شيء عليك.
• يجوز للمحرم عقد الإزار وربطه بخيط أو سبت، ووضع كيس لحفظ النفقة، ولبس الخاتم، والساعة، ونظارة العين، وسماعة الأذن.
• يجوز للمحرم أن يلبس السراويل إذا لم يجد الإزار، ويلبس الخفين إذا لم يجد نعلين.
• يجوز للمرأة أن تحرم فيما شاءت من الثياب، ولا تتشبه بالرجال في لباسهم، وتتجنب التبرج بالزينة.
• يجب على المرأة أن تسدل خمارها على وجهها إذا خشيت أن يراها الرجال الأجانب.
• يجوز للمرأة لبس الجورب، وهو الشراب في أثناء الإحرام، ويجوز لها خلعه.
• المتمتعة إذا حاضت قبل طواف العمرة وخشيت فوات الحج، فإنها تحرم بالحج وتصبح قارنة.
• يجوز للمحرم أن يغتسل ويغسل رأسه ويحكه إذا احتاج إلى ذلك برفق.
• يجوز للمحرم غسل ثيابه التي أحرم فيها وتبديلها بغيرها.
• يجوز للمحرم أن يستظل بسقف السيارة، أو المظلة، أو الخيمة.
• يجوز الطواف من وراء زمزم والمقام عند الزحام، والمسجد كله محل للطواف.
• يجوز لمن قدم نهارًا أن يؤخر الطواف والسعي إلى الليل والعكس.
• من حدث له شك في عدد أشواط الطواف أو السعي بنى على اليقين، فمن شك هل طاف ثلاثة أشواط أم أربعة أشواط جعلها ثلاثة أشواط... وهكذا.
• يجوز لمن تعب في السعي أو الطواف أن يجلس ويستريح، ثم يكمل سعيه أو طوافه.
• الأفضل أن يكون السعي تاليًا للطواف، فإن أخره عنه فلا بأس، مثل أن يطوف أول النهار، ويسعى آخره.
• الأفضل أن يقدم الحاج العاجز عن الهدي صيام الأيام الثلاثة على يوم عرفة، ليكون في يوم عرفة مفطرًا، لنهي النبي، صلى الله عليه وسلم، عن صيام عرفة في عرفة، ولأن الفطر أقوى له على الذكر والعبادة.
• يجوز صيام الأيام الثلاثة والسبعة متتابعة أو متفرقة.
• إذا انتهى المتمتع من عمرته أُحل له كل شيء حُرم عليه بالإحرام حتى النساء.
• يُحرم الحاج في يوم التروية من مكان إقامته، ولا يجب عليه الإحرام من داخل مكة، أو من المسجد، أو من تحت الميزاب، وليس عليه طواف وداع عند خروجه إلى منى أو عرفات.
• الأفضل للحاج أن يتوجه من منى إلى عرفات في اليوم التاسع بعد طلوع الشمس.
• يمتد الوقوف بعرفة إلى طلوع فجر يوم العيد «العاشر من ذي الحجة».
• يؤدي الحاج صلاتي المغرب والعشاء بعد الوصول إلى مزدلفة، سواء في وقت المغرب أو بعد دخول وقت صلاة العشاء.
• يجوز التقاط حصيات الجمار من أي موضع، سواء من مزدلفة، أو منى، أو غيرهما.
• يجوز للضعفاء من النساء والصبيان ونحوهم أن يدفعوا من مزدلفة بعد منتصف الليل.
• يجوز لولي الصبي العاجز عن الرمي أن يرمي عنه الجمار، وكذلك البنت الصغيرة يرمي عنها وليها.
• يجوز للعاجز عن الرمي لمرض، أو كبر سن، أو حمل، أن يوكل من يرمي عنه.
• يجوز للنائب أن يرمي عن نفسه ثم عن مستنيبه كل جمرة من الجمار الثلاث، وهو في موقف واحد، ولا يجب عليه أن يكمل الرمي عن نفسه، ثم يرجع فيرمي عن مستنيبه.
• يجوز لمن فاته الرمي في النهار أن يرمي في الليل، ومن فاته رمي يوم، جاز له أن يرمي في اليوم الذي بعده بعد الزوال، ثم يرمي عن اليوم الحاضر.
• يجوز رمي الجمار من أي جهة من جهات المرمى، بشرط أن يقع الحصى في المرمى، ولا يشترط بقاؤه فيه، فلو خرجت الحصاة بعد وقوعها في المرمى أجزأت.
• السُنة ترتيب أعمال يوم العيد كالآتي: رمي جمرة العقبة، ثم ذبح الهدي، إن كان عليه هدي، ثم الحلق أو التقصير، والحلق أفضل، ثم الطواف بالبيت، ويجوز تقديم بعض هذه الأعمال على بعض.
• يجوز تأخير طواف الإفاضة والسعي عن يوم العيد، والأفضل ألا يؤخرهما عن شهر ذي الحجة.
• يجوز للمحرم أن يحلق أو يقصر لغيره ولو لم يتحلل من إحرامه.
• يجوز للمحرم أن يحلق أو يقصر في أي مكان شاء، فليس له مكان محدد.
• طواف الإفاضة عند السفر يكفي عن طواف الوداع إذا نوى ذلك.
• يجوز لمن طاف للوداع أن يشتري ما يحتاج إليه ما دامت المدة قصيرة، فإذا طالت المدة أعاد طواف الوداع.